من الطبيعي أن تصادف قطط شوارع في طرقات دبي. كثير من هذه القطط تعرضت للإهمال أو تم التخلي عنها، مما دفعها للعيش في الشارع بحثًا عن الأمان والطعام. وهنا قد تتساءل: ماذا يجب أن أفعل عندما أرى قطة من هذه القطط؟

في هذا الدليل، سنوضح لك كيفية التعامل مع قطط الشوارع. من تقييم حالتها وحتى معرفة ما تحتاجه، وسنشرح لك كل ما يلزمك معرفته لتقوم بالتصرف الصحيح.

الخطوة الأولى: تحديد ما إذا كانت القطة ضالة أم برّية

قبل أي خطوة، يجب أن تفرق بين القطة الضالة والقطة البرّية. فكل نوع له طبع مختلف واحتياجات خاصة، ومعرفة هذا الفرق هو المفتاح للتعامل السليم.

ما المقصود بالقطة الضالة؟

القطة الضالة هي قطة منزلية ضاعت أو تم التخلي عنها. غالبًا ما تكون معتادة على الناس، وقد تلاحظ أنها تقترب منك أو تتفاعل مع وجودك. مع مرور الوقت، قد تصبح حذرة أكثر، لكنها تبقى قادرة على التكيّف مجددًا مع بيئة أسرية إذا لاقت الحب والاهتمام.

العلامات الشائعة لأي قطط شوارع:

• الاقتراب من الناس: عادةً ما تكون قطط الشوارع أكثر جرأة تجاه البشر، خصوصًا عندما تكون جائعة أو تبحث عن المساعدة. قد تتردد قليلًا، لكنها تُظهر فضولًا وتتواصل عبر المواء.

• المظهر العام: فراء أي قطة شوارع قد يبدو غير نظيف تمامًا لكنه ليس سيئًا جدًا، فهي لا تزال تحتفظ ببعض العناية الذاتية. وفي حال قلّ طعامها، قد تبدو نحيلة.

• التصرفات: قطط الشوارع تتحرك نهارًا وغالبًا ما تبحث عن مأوى في أماكن قريبة من البشر مثل المداخل أو الحدائق أو الكراجات. كما أنها قد تحتك بالأشياء أو الناس، وهي عادة من عادات القطط المنزلية.

• علامات تدل على أنها كانت مملوكة: بعض قطط الشوارع قد ترتدي طوقًا أو يظهر عليها أثر له، وقد تبدو مرتاحة عند سماع صوت الإنسان أو أصوات مألوفة من المنزل.

ما الفرق بين قطط الشوارع والقطة البرّية؟

القطة البرّية تختلف تمامًا. هي إما وُلدت في الطبيعة أو بقيت لفترة طويلة دون أي تواصل بشري. قطط شوارع هذا النوع تميل للانعزال، ولا تثق بالبشر.

قطط شوارع البرّية تعيش ضمن جماعات أحيانًا، وتشكل جزءًا من توازن البيئة، ولذلك يُنصح بعدم التدخل المباشر، بل دعم برامج مثل "الاصطياد والتعقيم ثم الإطلاق".

علامات تميز قطط شوارع البرّية:

• الهروب من الناس: قطط شوارع البرّية لا تقترب من البشر، بل تهرب فورًا أو تختبئ في أماكن تشعر فيها بالأمان.

• المظهر القاسي: غالبًا ما تكون قطط شوارع البرّية فراؤها خشنًا أو متأثرًا بعوامل الطقس، لكنها قد تبدو قوية لأنها تعلمت كيف تعتني بنفسها.

• لا تصدر مواء: قطط شوارع البرّية لا تموء للبشر، لأنها لا تعتبرهم مصدرًا للتواصل أو الرعاية.

• تنشط ليلًا: غالبًا ما تتحرك قطط شوارع البرّية في الليل، وتعيش في مجموعات تحدد مناطقها في أماكن معزولة مثل الأزقة أو المباني المهجورة.

ورغم اختلاف قطط الشوارع عن القطط البرّية في بعض الجوانب، إلا أن جميعها قطط، وهذه المعلومات تساعدك فقط على الفهم بشكل عام.

الخطوة الثانية: تقييم الموقف بدقة

لا تتسرع عندما ترى قطة شوارع فأحيانًا قد تكون بخير وتعرف كيف تدير أمورها. المهم أن تقيّم الحالة جيدًا قبل اتخاذ أي قرار.

إذا صادفت قطة من قطط شوارع الحي أو في أي مكان، من المهم أن تقوم بتقييم الوضع بعناية. الاقتراب من قطة من قطط الشوارع يتطلب صبرًا، لأن أي تصرف غير محسوب قد يؤدي إلى إصابات لأي طرف من الأطراف. فالقطط حساسة، لذا من الأفضل أن تأخذ الأمور ببطء وتلاحظ ما يمكن أن تفعله.

قبل أن تحاول الاقتراب من القطة، خذ لحظة للتراجع قليلاً وراقب سلوكها. إذا اقتربت منك ببطء وظلت تراقبك، فغالبًا هي معتادة على التعامل مع البشر. أما إذا كانت تحافظ على مسافة بعيدة طوال الوقت، فقد تكون قطة شوارع برّية ومتخوفة من وجودك.

كن حذرًا إذا ظهرت عليها علامات العدوانية. في هذه الحالة، من الأفضل أن تتجنب الاتصال المباشر وأن تطلب الدعم من متخصصين للمساعدة.

القطط حساسة جدًا لحركاتك، وذلك بسبب خبرتها في الحياة الخارجية. إذا كان ممكنًا، يمكنك أن تجلس منخفضًا قليلاً وتدعوها لتقترب منك تدريجيًا. بهذا الشكل، تبدو أكثر ودية وستقل احتمالية شعورها بالخوف والتهديد.

حتى لو بدت القطة ودودة، لا تلمسها فورًا. قد تحمل قطط الشوارع أو قطط شوارع البرّية طفيليات أو أمراض، كما يمكن أن تخدشك أو تعضك دفاعًا عن نفسها. إذا كنت تعتقد أن الموقف قد يؤدي إلى اتصال جسدي، من الأفضل أن ترتدي قفازات واقية وملابس أكثر سمكًا لحمايتك.

الخطوة الثالثة: تقديم الطعام والماء

حاول تقديم الطعام والماء كوسيلة لكسر الجليد. قطط الشوارع العادية أو قطط شوارع البرّية غالبًا ما تكون جائعة وعطشى، وهذا يعني أنها عادةً تقترب منك إذا كان لديك شيء تحتاجه. ولكن، تأكد من تقديم الطعام والماء ببطء ومنحها المساحة التي تحتاجها.

قطط الشوارع، وخاصة التي تعيش في الخارج لفترات طويلة، قد لا تكون انتقائية في طعامها، ولكن تقديم الطعام المناسب يمكن أن يجعلها تشعر براحة أكبر:

التونة المعلبة، الدجاج، أو طعام القطط الرطب مغرٍ جدًا وسهل الأكل، خصوصًا إذا كانت القطة ضعيفة أو لديها مشاكل في الأسنان. إذا لم يتوفر الطعام الرطب، يمكن أن يكون طعام القطط الجاف خيارًا جيدًا ويمكن تخزينه لفترة أطول دون أن يفسد.

لا تقدم أبدًا الحليب أو الشوكولاتة أو البصل أو الثوم أو الأطعمة المتبلة، حيث يمكن أن تكون ضارة أو سامة للقطط. القطط لديها أجهزة هضمية حساسة، وعندما تأكل شيئًا لا يتوافق مع أجسامها، يمكن أن يتسبب ذلك في مشاكل صحية متعددة.

الماء النظيف والعذب مهم جدًا مثل الوجبة. قطط الشوارع غالبًا ما تجد صعوبة في العثور على مياه شرب آمنة، خصوصًا في الأماكن الحضرية أو البيئات القذرة. لجعل شرب الماء أسهل على القطة، ضع الماء في وعاء ضحل. دع القطة تأخذ وقتها في شرب الماء لاستعادة قوتها.

إذا كنت تقدم الطعام والماء على مدار عدة أيام، حاول الحفاظ على جدول زمني ثابت وموقع ثابت. القطط كائنات معتادة على الروتين، ومن المرجح أن تثق بك إذا عرفت متى وأين يمكنها الاعتماد عليك للحصول على الغذاء والماء.

الخطوة الرابعة: فحص التعريف

كما ذكرنا في الخطوة الأولى، إذا كانت القطة من قطط شوارع الحي أو قطط شوارع البرّية تحتوي على أي نوع من التعريف، من المهم فحص أي علامات تحتوي على معلومات الاتصال أو العنوان. قطط الشوارع غالبًا ما تكون قطط ضالة، مما يعني أنه قد يكون لديها نوع من التعريف في قلادتها أو علامات قد تحتوي على معلومات الاتصال أو العنوان.

الخطوة الخامسة: إيجاد طرق لإعادة القطة الضالة

إذا كان هناك أي معلومات على قلادة القطة أو علاماتها، يمكنك الاتصال بالرقم الموجود لإعادة القطة. ولكن إذا لم توجد أي علامات تعريفية على القطة، فإن نشر صورة لها على وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون فكرة جيدة. قد تجد المنشور طريقه إلى مالك القطة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكنك التواصل مع ملاجئ القطط القريبة أو المنظمات المختصة بالإنقاذ للإبلاغ عن القطة. قدم لهم وصفًا دقيقًا، وصورًا للقطة، ومعلوماتك، وأي تفاصيل أخرى قد تكون مفيدة عند الاتصال بهم.

الخطوة السادسة: نقل القطة بأمان

إذا كان هدفك هو نقل القطة إلى الطبيب البيطري أو المأوى، استخدم حاملة مناسبة أو مصيدة إنسانية. لا تحاول أبدًا حمل القطة بين يديك، حيث إن حتى القطط الودودة قد تشعر بالذعر في المواقف غير المألوفة. ضع الطعام داخل الحاملة أو المصيدة لتشجيع القطة على الدخول بشكل طوعي.

إذا لم يكن لديك حاملة قريبة وترغب في نقل القطة على الفور، يمكنك استخدام منشفة. لفّ المنشفة حول القطة ببطء لمنعها من الشعور بالخوف. هذا سيساعد في تأمين القطة ويحميك من مخالبها.

ومع ذلك، من المهم تقييم ما إذا كانت قطة شوارع المعثور عليها جاهزة للنقل. عندما تشعر القطة بالتهديد، قد تصبح خطرة عليك. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لمنظمات الإنقاذ والملاجئ مساعدتك في نقل القطة بأمان إلى مناطقها.

مشاكل صحية شائعة في أي قطة شوارع

تواجه أي قطة شوارع العديد من التحديات الصحية بسبب تعرضها الخارجي، وعدم تلقيها رعاية بيطرية، وصعوبة وصولها إلى الطعام والماء. فيما يلي بعض المشاكل الصحية الشائعة التي قد تواجهها أي قطة شوارع:

سوء التغذية والجفاف

 أي قطط مشردة غالبًا ما تجد صعوبة في العثور على مصادر ثابتة للطعام والماء، مما يؤدي إلى سوء التغذية والجفاف. القطة التي تعاني من نقص التغذية قد تظهر نحيلة وضعيفة وخاملة. كما يمكن ملاحظة فراء باهت أو خشن. أما الجفاف فيمكن أن يظهر على شكل لثة جافة، عيون غائرة، ومرونة جلد ضعيفة.

البراغيث و القراد والطفيليات

أي قطط مشردة عرضة جدًا للطفيليات الخارجية مثل البراغيث والقراد، التي تسبب حكة شديدة وفقدان الشعر والتهابات جلدية. قد تعاني أيضًا من الطفيليات الداخلية مثل الديدان، مما يؤدي إلى فقدان الوزن، الانتفاخ، والإسهال.

العدوى التنفسية

 تتعرض العديد من القطط المشردة للإصابة بعدوى الجهاز التنفسي العلوي بسبب الفيروسات مثل فيروس الهربس القططي وفيروس الكاليسي فيروس القططي. تشمل الأعراض العطس، السعال، وإفرازات أنفية، وعيون دامعة، وارتفاع في درجة الحرارة. القطة التي تعاني من عدوى شديدة قد تجد صعوبة في التنفس أو الأكل.

الجروح والعدوى

أي قطط مشردة غالبًا ما تتقاتل مع قطط أخرى من أجل الطعام أو الأرض أو حقوق التزاوج. يمكن أن تؤدي هذه المعارك إلى جروح من العض، إصابات، أو عدوى جلدية . إذا تركت الجروح المصابة دون علاج، فقد تتطور إلى حالات خطيرة مثل التسمم الدموي.

فيروس نقص المناعة القطط وفيروس اللوكيميا القطط

أي قطط مشردة تكون أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة القططي و فيروس اللوكيميا القططي بسبب المعارك، التزاوج، أو مشاركة الطعام مع قطط مصابة. هذه الفيروسات تضعف جهاز المناعة، مما يجعل القطط أكثر عرضة للإصابة بالعدوى. يمكن أن تلاحظ علامات مثل فقدان الوزن، والتهاب اللثة، والعدوى المزمنة، والخمول العام.

العدوى في العين والعمى

 يمكن أن تنتج العدوى العين لدى القطط المشردة نتيجة الإصابات، العدوى التنفسية، أو الأمراض غير المعالجة. تشمل العلامات الاحمرار، التورم، الإفرازات، والغشاوة في العين. الجراء تكون أكثر عرضة للإصابة وقد تتطور حالة العمى الدائم إذا تركت العدوى دون علاج.

القراد في الأذن والعدوى

تعاني أي قطط مشردة في كثير من الأحيان من قراد الأذن، الذي يسبب حكة شديدة وانزعاجًا. تشمل العلامات الحكة المستمرة، هز الرأس، والإفرازات الشمعية الداكنة في الأذن. إذا تركت هذه الحالة دون علاج، يمكن أن تؤدي القراد إلى التهابات في الأذن وفقدان السمع.

أمراض الأسنان

أي قطط مشردة تعاني غالبًا من مشاكل في الأسنان بسبب سوء التغذية وغياب العناية بالفم. من المشاكل الشائعة التهاب اللثة للقطط، والأسنان المكسورة، والقروح المؤلمة في الفم. قد تظهر القطة التي تعاني من أمراض الأسنان سيلان اللعاب بشكل مفرط، أو تحك الفم، أو تواجه صعوبة في الأكل. يمكن أن تنتشر العدوى الشديدة للأسنان وتسبب المزيد من المشاكل للقطط المشردة.

هل يجب تبني قطط ضالة؟

القطط الضالة تحتاج إلى الحب والرعاية تمامًا مثل أي قطة أخرى، ولكن تبني قطط ضالة يمثل تحديًا كبيرًا. هذه القطط غالبًا ما تكون قد تعرضت للهجر والإهمال، مما يعني أنك ستحتاج إلى الكثير من الصبر للتعامل معها.

أي قطط ضالة تحتاج أيضًا إلى رعاية صحية إضافية، وهو ما يستدعي زيارات بيطرية متكررة وعناية داعمة. ونظرًا لنقص التغذية الذي عانت منه، فإن خططها الغذائية تحتاج إلى تخصيص دقيق يتناسب مع حالتها الصحية.

ومع ذلك، فهذه مجرد التحديات الأولية التي قد تواجهها. فمع الحب الكافي، والصبر، والوقت، يمكنك مساعدة القطة على التأقلم مع حياتها الجديدة معك. ستحتاج إلى دعم أطبائنا البيطريين وخبرائنا لضمان أن تنمو القطة الضالة بشكل صحي وسعيد في منزلها الجديد.

"كل قطة ضالة تستحق فرصة حقيقية للشفاء والأمان، فبفضل الرعاية السليمة والاهتمام المستمر، يمكنها استعادة صحتها والعودة إلى حياة مستقرة وآمنة كما كانت من قبل."

– د. سهيل سيمائي

الخاتمة

تُعد القطط الضالة مشهدًا شائعًا في دبي، وإذا صادفت واحدة، فإن معرفتك بكيفية التصرف قد تُحدث فرقًا حقيقيًا في حياتها. هذه القطط، سواء كانت قطط ضالة أو قطط شوارع، تعاني غالبًا من الجوع والمرض وعدم وجود مأوى، ولكن من خلال التصرف الصحيح، يمكنك تقديم الرعاية التي تحتاجها.

وإذا قررت أن تخطو خطوة أبعد وتتَبنى إحدى هذه القطط، فعليك أن تكون مستعدًا لمواجهة التحديات والاستمتاع بالمكافآت أيضًا. فاختيارك لمساعدة قطة ضالة لا يعني فقط تغيير حياتها، بل هو أيضًا منحها فرصة حقيقية لتعيش في أمان وراحة وتختبر مشاعر الحب والانتماء.