الجمعة، 19 سبتمبر 2025
يُعَدّ داء الكلب من أكثر الأمراض التي تُثير الخوف والقلق لدى البشر، وغالبًا ما ارتبط في أذهاننا بقصص الطفولة وتحذيرات الأهل من الاقتراب من الكلاب الضالة. وعلى الرغم من أنّ الانطباع الشائع عنه يتمثّل في جعل الكلب يبدو "مسعورًا" أو فاقد السيطرة، إلّا أنّ الحقيقة أكثر تعقيدًا، فهو مرض فيروسي قاتل يهاجم الجهاز العصبي المركزي ويُهدّد حياة جميع الثدييات، بما في ذلك الكلاب والإنسان.
في دبي، يُعدّ داء الكَلَب مصدر قلقٍ كبير لأصحاب الحيوانات الأليفة، نظرًا لقدرته على إحداث تلف عصبي خطير وغياب أي علاج شافٍ حتى الآن. لذا، فإنّ الوقاية تبقى السبيل الوحيد لحماية الكلاب من هذا المرض المميت.
ما هو داء الكلب وكيف تنتقل العدوى إلى الكلاب؟
داء الكلب هو عدوى فيروسية تهاجم الدماغ والجهاز العصبي المركزي. ينتقل الفيروس عادةً عبر لعاب الحيوانات المصابة، سواء من خلال:
العضّات المباشرة أو الخدوش والجروح المفتوحة أو ملامسة الأغشية المخاطية (مثل العين أو الفم). وبمجرد دخول الفيروس إلى الجسم، يبدأ بالانتشار عبر الأعصاب وصولًا إلى الدماغ. عند ظهور الأعراض، يتطوّر المرض بسرعة ويصبح مميتًا في معظم الحالات.
يُصنَّف داء الكلب كأحد أكثر الأمراض فتكًا، إذ لا يوجد له علاج فعّال بعد ظهور الأعراض. قد تكون الكلاب المُطعَّمة أيضاً عرضة بدرجة ضئيلة للعدوى إذا تعرّضت للفيروس، لكن خطورة الإصابة ترتفع بشكل كبير لدى الكلاب التي تقضي وقتًا طويلًا في الخارج مع الكلاب الضالة أو الحيوانات البرية.
ومن المهم إدراك أنّ أي خدش أو جرح بسيط يمكن أن يشكّل مدخلًا للفيروس، إذا لامسه لعاب ملوّث. لذلك، يبقى التطعيم المنتظم والمتابعة البيطرية المستمرة السبيل الأهم للوقاية.
الأعراض الشائعة لداء الكلب عند الكلاب
يتطوّر داء الكلب عند الكلاب عبر مراحل متتالية، حيث تزداد خطورة الأعراض تدريجيًا. غالبًا ما تبدأ العلامات بالظهور بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من التعرّض للفيروس. فيما يلي المراحل الأساسية والأعراض المرتبطة بكل منها:
المرحلة البادرية
تمثّل المرحلة الأولى من العدوى، وتستمر عادةً من يومين إلى ثلاثة أيام.
تغيّرات سلوكية: قد يظهر على الكلب توتر ملحوظ أو عصبية أو عدوانية غير مبرّرة.
الحمّى: ارتفاع طفيف في درجة حرارة الجسم.
اللعق أو العضّ أو الحكّ: يميل الكلب إلى لعق أو خدش مكان العضة باستمرار، نتيجة تكاثر الفيروس في الأعصاب المحيطة، ما قد يفاقم الجرح أو يسبّب عدوى ثانوية.
حساسية للضوء: يفضل الكلب البقاء في أماكن مظلمة أو ذات إضاءة خافتة بسبب حساسيته المفرطة للضوء.
المرحلة الهياجية
في هذه المرحلة، تصبح الأعراض أكثر وضوحًا، وتمتد عادةً من ثلاثة إلى أربعة أيام.
زيادة العدوانية والعصبية: قد يهاجم الكلب أشخاصًا أو حيوانات أو حتى أجسامًا جامدة دون استفزاز.
التشوش والارتباك: يبدو الكلب ضائعًا أو يدور في حلقات متكررة.
صعوبة البلع: شلل عضلات الحلق يسبّب صعوبة واضحة في البلع، مع علامات اختناق أو تقيؤ.
الرغوة حول الفم: نتيجة تراكم اللعاب وصعوبة ابتلاعه، يظهر الزبد الأبيض المميز حول الفم.
المرحلة الشللية
تُعتبر المرحلة الأخيرة من المرض، وتمتد عادةً من يومين إلى أربعة أيام.
الضعف أو الشلل: يبدأ من موضع العضة ثم ينتشر تدريجيًا إلى باقي الجسم، مع فقدان السيطرة على التبول والتغوّط.
ارتخاء الفك السفلي: شلل عضلات الوجه يؤدي إلى مظهر "الفك المتدلّي".
النوبات والتشنجات: تقلصات عضلية عنيفة نتيجة تأثير الفيروس على الدماغ.
الغيبوبة والوفاة: في النهاية يتسبّب شلل الجهاز التنفسي في غيبوبة تنتهي عادةً بالوفاة خلال فترة قصيرة.
كم يستغرق داء الكلب ليُؤدي إلى وفاة الكلب؟

تختلف فترة العلاج من كلبٍ إلى آخر. ولكن في المقابل، يتقدّم داء الكلب بسرعة و يصبح فتاكاً في الغالب خلال فترة تتراوح بين 7 إلى 10 أيام من ظهور الأعراض بشكل ملحوظ.
ما هي أفضل طريقة لتشخيص داء الكلب؟
تُعَدّ الطريقة الأكثر فعالية لتشخيص داء الكلب عند الكلاب هي الحصول على عينة من أنسجة الدماغ. غير أنّ ذلك لا يمكن تنفيذه إلا بعد وفاة الكلب المصاب.
اختبار الأجسام المضادة الفلورية المباشرة
في حال وفاة الكلب، يمكن إجراء اختبار الأجسام المضادة الفلورية المباشرة. ويُعدّ هذا الفحص المخبري وسيلة دقيقة للتعرّف على مستضدات فيروس داء الكلب في أنسجة الدماغ.
يقوم الأطباء البيطريين أولًا بجمع عينات من دماغ الكلب، عادةً من جذع الدماغ، والمخيخ، والحُصين (Hippocampus). بعد ذلك، تُحضّر هذه العينات على شرائح مطبوعة (Impression Smears).
تتميّز هذه الشرائح بأنّها تُعالج بأجسام مضادة خاصة مُعَدّة بصبغات فلورية مضادة لفيروس داء الكَلَب. ثم يُستخدم المجهر الفلوري للكشف عن المستضدات الفيروسية داخل النسيج.
في حال وجود هذه المضادات، ترتبط الأجسام المضادة بها وتظهر مناطق مُضيئة باللون الأخضر التفاحي المميز.
التقييم والفحص السريري
نظرًا لعدم إمكانية إجراء اختبار DFA خلال حياة الكلب، يعتمد الأطباء البيطريين على مجموعة من العوامل لتحديد إصابة الكلب بـ داء الكلب، وتشمل:
الأعراض السريرية: مراقبة الأعراض العصبية والسلوكية التي يُظهرها الكلب لتحديد مرحلة الإصابة.
تاريخ التعرّض: تقديم معلومات عن احتمال تعرّض الكلب لعضّ أو مخالطة حيوانات مصابة بـ داء الكلب.
الحالة التطعيمية: إذا كانت تطعيمات الكلب ضد داء الكلب مُحدثة، فإن احتمالية إصابته تكون شبه معدومة.
قد تكون هناك حاجة إلى وضع الكلب تحت الحجر الصحي عند الاشتباه في إصابته بـ داء الكلب، سواءً كان قد عضّ إنسانًا أو حيوانًا آخر، أو تعرّض هو نفسه للعضّ.
هل يمكن علاج داء الكلب؟
حتى وقتنا هذا، لا يوجد علاج فعّال لـ داء الكلب بعد ظهور الأعراض، وينتهي المرض حتمًا بالوفاة عند الكلاب. ومع ذلك، يبقى هناك أمل في إنقاذ الكلاب التي تعرّضت لفيروس داء الكَلَب إذا حصلت على التطعيمات ما بعد التعرّض (Post-exposure prophylaxis) في الوقت المناسب.
عند الاشتباه في أنّ كلبك قد تعرّض لفيروس داء الكلب، يجب أخذه فورًا إلى الطبيب البيطري في قسم الطوارئ. إذ يتعيّن على الطبيب إعطاؤه جرعات التطعيم ما بعد التعرّض قبل أن يتمكّن الفيروس من الوصول إلى الجهاز العصبي.
أما الكلاب المُطعَّمة مسبقًا ضد داء الكلب، فيُوصى بعزلها لمدة تقارب 45 يومًا مع مراقبتها بعد تلقي جرعة تعزيزية (Booster shot). بينما قد تحتاج الكلاب غير المُطعَّمة إلى الحجر الصحي لمدة تصل إلى ستة أشهر تحت الملاحظة الدقيقة.
كيف يمكن الوقاية من داء الكلب عند الكلاب؟

ضرورة تطعيم الكلاب ضد داء الكلب
من الضروري تطعيم كلبك ضد فيروس داء الكلب للوقاية من هذا المرض الخطير.
يُعطى لقاح داء الكلب للجراء عند بلوغها عمر 14 إلى 16 أسبوعًا. بعد ذلك، تُعطى الجرعات التعزيزية (Booster Shots) كل سنة إلى ثلاث سنوات. سيقوم الطبيب البيطري بإرشادك خلال هذه العملية وتزويدك بالجدول الزمني المناسب لكلبك.
في معظم المناطق، مثل دبي، يُعَدّ تطعيم الحيوانات الأليفة ضد داء الكَلَب إلزاميًا. وهذه إحدى وسائل الحكومات لحماية المجتمع والحدّ من انتشار هذا المرض غير القابل للعلاج.
يجب التأكد من إبقاء كلبك مربوطًا أثناء النزهات الخارجية حتى إذا كان مٌطعَم لمنعه من الجري أو الاشتباك مع حيوانات أخرى، مع توفير أماكن آمنة ومسيّجة له في المنزل.
ما مدى فعالية لقاح داء الكلب عند الكلاب؟
يُعتبَر لقاح داء الكلب فعّالًا جدًا في الوقاية من العدوى، على الرغم من أنّه لا يوجد أي لقاح يوفّر حماية بنسبة 100%. معدل فشل اللقاح منخفض للغاية، مما يجعل إصابة الكلاب المُطعَّمة بالفيروس أمرًا نادرًا.
كيف يعمل لقاح داء الكَلَب عند الكلاب؟
على غرار اللقاحات الأخرى، يعمل لقاح داء الكلب باستخدام فيروس مُعطَّل، بحيث يتعرّف الجهاز المناعي عليه ويُكوّن استجابة دفاعية. وهذا يعني أنّه عند تعرّض الكلب للفيروس الحقيقي، يكون جهازه المناعي قد كوّن "ذاكرة مناعية" قادرة على مقاومته بسرعة. وتساعد الجرعات التعزيزية على إبقاء هذه الذاكرة المناعية نشطة وفعّالة.
ما مدة صلاحية لقاح داء الكلب عند الكلاب؟
تختلف صلاحية لقاح داء الكلب عند الكلاب بين سنة إلى ثلاث سنوات، وذلك اعتمادًا على عدة عوامل تشمل: الحالة الصحية للكلب، وموقعه الجغرافي، والقوانين المحلية المُنظِّمة للتطعيم.
«حماية كلبك من داء الكلب هي ضمان الصحة والسعادة مدى الحياة.»
- د. مافالدا ساردينيا
الخلاصة
على الرغم من أنّ داء الكلب لا يمكن علاجه بعد ظهور الأعراض، إلّا أنّه مرض يمكن الوقاية منه بشكل فعّال. الالتزام بالجدول الزمني لتطعيم كلبك ضد داء الكلب، مع تطبيق إجراءات الوقاية اللازمة، يُعدّ الوسيلة الأهم لحماية حيوانك الأليف من هذا المرض القاتل وحماية مجتمعك من خطر انتشاره.
كيف تعرف إذا كان كلبك مصابًا بداء الكَلب؟
تشمل بعض العلامات الشائعة للإصابة بـ داء الكلب عند الكلاب زيادة العدوانية، والشلل، وظهور الرغوة حول الفم. وفي المراحل المتقدمة، قد يُعاني الكلب المصاب من التشوش الذهني، والشلل التدريجي، وفي النهاية الوفاة.
كيف تُصاب الكلاب بداء الكلب؟
تُصاب الكلاب بـ داء الكلب عن طريق لُعاب الحيوانات المصابة. إذ يدخل الفيروس إلى الجسم عند ملامسة اللعاب للجروح الناتجة عن العضّ، أو الإصابات المفتوحة، أو الأغشية المخاطية مثل العينين أو الأنف أو الفم.
هل يمكن للكلاب النجاة من داء الكلب؟
للأسف، لا تستطيع الكلاب النجاة من داء الكلب، خصوصًا بعد ظهور الأعراض. إذ يُعَدّ داء الكلب مرضًا قاتلًا يتطوّر بسرعة وينتهي حتمًا بالوفاة.
مشاركة
اشترك الآن لتصلك أحدث الأخبار والتحديثات
سجّل للحصول على نصائح أسبوعية حول صحة الحيوانات الأليفة من أطبائنا البيطريين.