إذا سبق لك امتلاك قطاً، فربما لاحظت أحياناً بعض السلوكيات التي توحي بالملل: كالتحديق عبر النافذة لساعات طويلة، أو اللعب بنفس اللعبة  بلا حماس، أو حتى إصدار مواء متكرر بلا سبب واضح.

لكن، هل يمكن للقطط أن تشعر بالملل فعلاً؟

الإجابة: نعم. فعلى الرغم من أن القطط معروفة باستقلاليتها وعدم حاجتها الدائمة إلى رعاية معقدة، إلا أنها تمتلك غرائز طبيعية قوية تدفعها نحو الاستكشاف، والصيد، واللعب. وعندما لا تجد ما يُشبع هذه الغرائز، يتسلل إليها الملل سريعاً.

والقطط التي تعاني من الملل قد لا تكون في أفضل حالاتها سلوكياً أو صحياً. لهذا من المهم أن يعرف المربّون كيف يحافظون على نشاط قططهم من خلال توفير أفضل ألعاب قطط وأنشطة تفاعلية متنوعة. لكن قبل أن نتحدث عن طرق المساعدة، دعونا نتعرف أولاً على أسباب شعور القطط بالملل.

لماذا تشعر القطط بالملل؟

القطط كائنات ذكية تعتمد على غرائزها بشكل كبير، ولديها حاجة ملحّة إلى التحفيز العقلي والجسدي. فهي مهيأة بطبيعتها للنشاط، وحل المشكلات، والاستكشاف. ومع ذلك، فإن مستوى تحفيزها يتوقف على نمط حياتها والبيئة التي تعيش فيها.

أبرز الأسباب الشائعة:

 نقص الإثراء البيئي

ترى القطط العالم بحواسها: البصر، والشم، والسمع، واللمس. وإذا لم تُحفَّز هذه الحواس بانتظام، فإنها تفقد التنشيط الذهني الضروري لتبقى يقظة.

صحيح أن القطط المنزلية تعيش في بيئات آمنة بعيداً عن مخاطر الخارج، لكن هذه البيئة قد تكون فقيرة بالإثارة بالنسبة لهم. فغياب ألعاب قطط جديدة أو أماكن للتسلق والاستكشاف يحرم القطة من النشاط العقلي والجسدي الذي تحتاجه.

قد يؤدي  تكرار نفس الألعاب والأنشطة  بشكل روتيني إلى فقدان الحماس. فالقطط تحب الروتين في الأكل والنوم، لكنها تحتاج إلى تنويع في ألعاب القطط وأنشطتها حتى تظل عقولها نشيطة.

 غرائز الصيد غير المشبَعة وقلة النشاط البدني

تمتلك القطط  مهارات الصيد بالفطرة. في البرية، تمضي وقتاً طويلاً في الترصد والمطاردة والانقضاض على الفريسة. أما في المنزل، فإذا قُدّم لها الطعام مباشرة في وعاء دون أي تحدٍ، فإنها تخسر جزءاً مهماً من الإشباع العقلي الناتج عن "المجهود" في الحصول على الغذاء.

كما أن الصيد في حد ذاته تمرين بدني يحافظ على صحة الجسم والعقل معاً. وغياب هذا النشاط  أو بدائله مثل توفير أفضل ألعاب قطط تحاكي الصيد يجعل القطة أكثر عرضة للملل.

كذلك، ضيق مساحة المعيشة يقلل من حركتها واستكشافها، وهو ما يؤدي إلى انخفاض نشاطها البدني والشعور بالرتابة.

 الوحدة ونقص التفاعل

على الرغم أن القطط مشهورة باستقلاليتها، إلا أنها في كثير من الأحيان تحتاج إلى التفاعل الاجتماعي. العديد منها يستمتع بوجود مالكها أو اللعب مع حيوانات أليفة أخرى. وعندما تُترك وحيدة لفترات طويلة، قد تشعر بالوحدة والملل.

التفاعل المباشر مع القطة أو توفير ألعاب قطط تفاعلية يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في تحسين حالتها النفسية وسلوكها اليومي.

ما هي العلامات التي تدل على ملل قطتك؟

لا يمكننا مباشرة معرفة إذا كان القط يشعر بالملل أم لا، و لكن هناك بعض العلامات التي تظهر من خلال تغيّرات سلوكية واضحة. فيما يلي أبرز العلامات التي يمكن ملاحظتها:

•  السلوكيات التدميرية: القطط التي تشعر بالملل غالباً ما تخدش الأثاث، أو تُسقط الأشياء، أو تُتلف ما تجده أمامها. هذه التصرفات هي وسيلتها للتنفيس عن الملل وخلق بعض الإثارة لنفسها.

• الإفراط في تنظيف الفراء: عادةً ما تلعق القطط نفسها للحفاظ على النظافة والشعور بالراحة، لكن الإفراط في ذلك قد يكون مؤشراً على الملل. قد تلعق أو تمضغ نفسها بشكل مبالغ فيه كوسيلة للتهدئة الذاتية.

•  النوم المفرط: من المعروف أن القطط تنام كثيراً، لكن إذا لاحظت أنها تنام لساعات أطول من المعتاد، فقد يكون هذا دليلاً على شعورها بالملل وقلة التحفيز.

• الإفراط في المواء: قد تُعبّر القطة عن إحباطها بالمواء المتكرر، كوسيلة لجذب انتباهك أو التعبير عن مشاعرها. يظهر ذلك في أشكال مختلفة مثل المواء المستمر، أو العواء، أو أصوات شبيهة بالزقزقة.

• القلق وكثرة الحركة: إذا لاحظت قطتك تتجول باستمرار في أرجاء المنزل أو تقفز من أريكة إلى أخرى، فهذا غالباً مؤشر على أنها تبحث عن نوع من التحفيز أو الإثارة.

•  فقدان الاهتمام والطاقة: بعض القطط قد تستجيب للملل بالانسحاب والهدوء المفرط. ستلاحظ فقدان اهتمامها بأنشطتها المفضلة، أو أنها تبدو خاملة وقليلة النشاط.

•  الحوادث داخل المنزل؛ نتيجة للتوتر والملل، قد تلجأ بعض القطط لقضاء حاجتها خارج صندوق الفضلات، وهو سلوك غير معتاد يتطلب انتباهك.

نصائح الطبيب البيطري: كيفية إبقاء قطتك مستمتعة

بعد أن تعرفت على علامات ملل القطط، يصبح من الضروري العمل على إثراء حياتها بشكل نشط.  الأمر لا يحتاج إلا إلى قليل من الإبداع والانتظام. فيما يلي بعض النصائح العملية:

•  جدولة وقت اللعب اليومي: تحتاج القطط إلى جلسات لعب يومية لتحفيزها ذهنياً وجسدياً. استخدم أفضل ألعاب قطط مثل العصا المعلقة، ريش اللعب، مؤشرات الليزر وغيرها لمحاكاة لحظات المطاردة والانقضاض. استهدف مدة تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة لكل جلسة، مع عدة جلسات على مدار اليوم إذا أمكن.

•  تدوير الألعاب والأنشطة: حتى أكثر الألعاب إثارة يمكن أن تصبح مملة إذا اعتاد عليها القط. تأكد من تنويع ألعاب القطط والأنشطة المقدمة لها بين الحين والآخر. احتفظ بمجموعة من الألعاب الجديدة وبدّل بينها كل بضعة أيام للحفاظ على عنصر المفاجأة والإثارة.

•  استخدام ألعاب الطعام وألغاز التغذية: يمكنك دمج بعض الأنشطة التحفيزية ضمن روتين التغذية. استخدم ألعاب قطط التي تتضمن ألغازاً لتحدي القطة للحصول على طعامها، أو قدّم وجبات خفيفة صحية بطريقة تفاعلية. استشر الطبيب البيطري أولاً لاختيار الأنسب لنظامها الغذائي.

•  قضاء وقت اجتماعي ذو جودة عالية: تحب العديد من القطط العناية اللطيفة، الجلوس في الحضن، أو مجرد التواجد بالقرب من أصحابها. التفاعل المنتظم يساعد في محاربة الملل ويقوي العلاقة بينك وبين قطتك. إذا كنت بعيداً، يمكن الاستعانة بخدمات جليسة حيوانات أليفة .

•  توفير رفيق للقطة: بعض القطط تستفيد من وجود رفيق في المنزل، لكن هذا يعتمد على شخصيتها. احرص على تقديمهما لبعضهما تدريجياً وبحذر لتجنب النزاعات.

متى يجب استشارة الأطباء البيطريين بشأن ملل قطتك؟

إذا لاحظت أن قطتك بدأت تفقد شهيتها أو تنخفض مستويات طاقتها، أو ظهرت عليها علامات مثل الإفراط في تنظيف الفراء، فقد يكون ذلك مؤشراً على وجود مرض أو حالة من التوتر والقلق.

في هذه الحالات، يمكن لفريقنا من الأطباء البيطريين مساعدتك على استبعاد الأسباب المحتملة الأخرى بسرعة، والانتقال مباشرة إلى العلاج إذا تبيّن وجود مشكلة صحية. بالإضافة إلى ذلك، حيث نزوّدك بجميع الإرشادات والوسائل اللازمة لضمان تعافٍ آمن ومليء بالتحفيز لرفيقك المقرّب، ليعود إلى نشاطه وحيويته المعتادة.

"القطة التي تعاني من الملل ليست سوى جسد خامل يبحث بشغف عن الإثارة والمغامرة."

– د. نيناد ميسورا

الخلاصة

قد تشعر القطط بالفعل بالملل، وهذه حقيقة يغفل عنها الكثير من أصحاب الحيوانات الأليفة. ورغم أن البعض لا يعطي هذه المشكلة الاهتمام الكافي، إلا أن ملل القطط يعد عاملاً أساسياً يؤثر بشكل مباشر على صحتها الجسدية وسعادتها النفسية.

بواسطة

– د. نيناد ميسورا